عمادات شؤون الطلبة ودورها المفقود
د. يوسف ربابعة
ترجع فلسفة وجود عمادة شؤون الطلبة في أي جامعة من الجامعات، إلى ضرورة وجود جهة تتابع قضايا الطلاب، وتؤثر في سلوكهم واتجاهاتهم، وتوجه قدراتهم نحو العمل والبناء والبحث والمعرفة، إضافة إلى تنمية قدراتهم الفكرية والسياسية، وتوسيع دائرة الحوار والعمل الجماعي المنتج بينهم، وهذا يتطلب من العمادات أن يكون لديها التصور الكافي للقيام بهذا الدور، وأن تكون لديها القدرة على فتح الحوار بين الطلبة وتعزيز قيم المشاركة السياسية الفاعلة، بحرية وانفتاح ومن دون تخوف أو تردد، ما يضمن سلامة التفكير والتوجه نحو العمل المعلن، والابتعاد عن السرية والتجسس والعمل الخفي، لأن الخوف يولد دائماً النزعة نحو الابتعاد عن الأضواء، وتعميق القيم السلبية والنزعات غير المقبولة، والهروب من الحوار والتفاهم واللقاء الإيجابي.
برزت في المرحلة الأخيرة ظاهرة العنف الطلابي في جامعاتنا الأردنية، وقد تساءلنا وتعجبنا من وجودها، وكتبنا التحليلات والدراسات، لكن أحداً لم يقل لنا ما هو الدور الذي تقوم به عمادات شؤون الطلبة في مثل هذه المشاكل، وأين تكمن مسؤوليتها في ذلك، وإذا قُدّر لأحدنا أن يطّلع على ما تقوم به هذه العمادات، فإنه سيكتشف في سلوكها جزءاً من المشكلة، فقد تحولت عمادات شؤون الطلبة في جامعاتنا إلى دوائر تفكر بعقلية العسكر القديمة، ولا ترى أبعد من حدود رأسها، رغم أننا نعيش في عالم منفتح، لم يعد فيه مكان للأسرار، ولا حجب تستر العيوب والعورات.
لقد فتح عصر الاتصالات كل شيء حتى لم يعد هناك ما نخشاه، وإذا لم تكن هذه العمادات منتجة للمعلومات والمعارف فإن الزمن سيتجاوزها، وهذا ما بات يحدث بالفعل، فماتزال عمادات شؤون الطلبة تخشى من وضع ورقة على الحائط، أو توزيع منشور، أو تنظيم مسيرة أو احتفال، ولا أدري ما إذا كانت العمادات تعلم أو لا تعلم أن طالباً في الصفوف الأساسية، يستطيع أن يكتب في مدونته ما يشاء من دون رقيب ولا عتيد.
إن ما كان ممنوعاً في السابق لم يعد مجدياً منعه في هذا الزمن، وإن الذين يفكرون بوجود الأسرار والمعلومات الخطيرة، ما هم إلا واهمون ومخدوعون. إنني وخلال محادثتي لبعض عمداء شؤون الطلبة في جامعاتنا، عرفت أن ما يحدث في الجامعات اليوم شيء طبيعي ومتوقع، لأنني -ومع احترامي للجميع- أتخيل في تعاملي معهم أنني أتعامل مع رجل عرفي من خمسينيات القرن الماضي، حيث النبرة المتسلطة، وعدم احترام الشخص المقابل، وفرض الرأي بالقوة، وعدم السماح للآخرين بالنقد أو الاعتراض أو إبداء الرأي، والمشكلة الكبرى أن هذه الصفات ليست لعمداء شؤون الطلبة في الجامعات الرسمية فقط، بل هم في الجامعات الخاصة أكثر انغلاقا وخوفا، حتى إن طلاب الجامعات الخاصة يشكون من عدم القدرة على التعبير والاعتراض والنقد، أكثر من الجامعات الرسمية!
لذلك، أرى أن المشاكل في الجامعات الخاصة تزداد يوماً بعد يوم، وتتجه انتخابات مجالس الطلبة فيها إلى العنصرية والجهوية والإقليمية والعشائرية، ويشوبها اللجوء إلى العنف في أحيان كثيرة. وما حدث في إحدى الجامعات قبل أسابيع، دليل على ضعف دور هذه العمادات، وبُعدها عن التأثير في الطلبة وتوجيه نشاطاتهم، إذ قامت مجموعات من الطلاب يوم الانتخابات، ونتيجة خلافات عشائرية، بتكسير صناديق الاقتراع وشبابيك الغرف الصفية، فألغيت الانتخابات التي كانت تجري في ذلك اليوم.
المطلوب من عمادات شؤون الطلبة اليوم، ليس السيطرة على عقول الطلاب وتطويعهم لمقولات قديمة وشعارات بالية، بحجة "الانتماء والولاء"، التي لا يكون همها سوى التزلف للمسؤولين هنا وهناك، فالانتماء والولاء إنما يتحققان من خلال البحث عن حرية التفكير والتعبير، والقضاء على بقايا الخوف الساكن في نفوس الطلاب، وحثهم على المشاركة السياسية والحزبية، ودعوتهم للانفتاح على الثقافات وقبول الرأي الآخر.
هذا هو المطلوب من عمادات شؤون الطلبة، فالانتماء للوطن ليس شعارات ومقولات جوفاء، وأغاني غير قيّمة تسمى زوراً "أغانٍ وطنية"، فوطننا الأردن وطن محترم، ولا يقبل إلا فناً محترماً.
ولا بد بعد ذلك من احترام رأي الطلاب، وتقبّل ملاحظاتهم، ثم إشراكهم في صنع القرار ليكونوا شركاء في تحمل المسؤولية.
الحياة الجامعية تقوم على اتجاهين: أحدهما أكاديمي، تقع مسؤوليته على عاتق الأقسام الأكاديمية، ويتم عن طريق المحاضرات العلمية والتدريسية. والآخر "لا منهجي"، من المفترض أن يكون من مسؤوليات عمادات شؤون الطلبة، وهو يتضمن كل ما يخص الطالب ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، ما يستدعي البحث عن أنشطة تخدم هذا الجانب وتزيد من قدرة الطالب على المشاركة مع الآخرين وإبراز مواهبه وقدراته وإبداعاته، إضافة إلى دمجه مع محيطه، كي يتقبله ويفهمه، وكذلك كي يبتعد عن التصورات الخاطئة للآخر، فكثير من الطلاب يحمل تصورات خاطئة عمن حوله، ولا تزول هذه التصورات إلا بإعطائه القدر الكافي لفهم الآخرين ومعرفة طريقة تفكيرهم، والاندماج معهم، والتعاطف مع متطلباتهم، وأعتقد أن أغلب حالات العنف إنما تنتج عن حمل الطالب تصورات اجتماعية خاطئة، تؤثر سلباً في حكمه على الأشياء والأشخاص.
لكل ذلك نتساءل عن الدور الحقيقي لعمادات شؤون الطلبة في جامعاتنا الأردنية، كي لا يأتي اليوم الذي تزداد فيه المشاكل، فنسأل حينها عن السبب، فلا نجده، ونسأل عن الحل، فلا نهتدي إليه!
14/4/2012, 5:14 am من طرف h.sbaih
» تعلم تصميم قواعد البيانات SQL حصريا
2/4/2012, 3:57 pm من طرف hfoda102
» Assembly Lab
3/3/2012, 10:52 pm من طرف funkyodd@yahoo.com
» كتاب مادة الـ C ++ حصريا لشباب إنجاز
17/2/2012, 1:57 am من طرف anas yacoub
» حصريا .. كتب العلوم المالية والمصرفية
31/1/2012, 1:56 am من طرف Amera Alareqe
» دعاء مكتوب على جدار الجنة
13/11/2011, 3:25 pm من طرف سما الحب
» حكمه مهمه
6/11/2011, 7:49 pm من طرف عموره
» .....................................
16/10/2011, 6:22 am من طرف عموره
» هـــــــــنــالِــك دائِــمـــــــــاً....!!!!
16/10/2011, 6:20 am من طرف عموره
» تَباً
16/10/2011, 6:15 am من طرف عموره