محمد م. الأرناؤوط*
كانت اليونسكو قد أعلنت سنة2007م سنة دولية للاحتفال بالشاعر والفيلسوف الإنساني مولانا جلال الدين الرومي(604-672هـ/1207-1273) بمناسبة مرور ثمانمائة سنة على ولادته في بلخ. وقد عقدت خلال العام الماضي عدة ندوات واحتفالات في العالم كان منها أمسية لفرقة من المولوية التركية في دار الأوبرا في دمشق خلال تشرين الثاني 2007م.
وبشكل مواز ومختلف كانت حلب تعد ندوة دولية عن مولانا جلال الدين الرومي. أما لماذا حلب بالذات فلأن الرومي عاش فيها فترة من حياته وكتب عنها قصيدة، كما أن حلب تحولت إلى مركز للطريقة المولوية التي تنسب إلى مولانا جلال الدين بعد إلغاء الطرق الصوفية وإقفال تكاياها في تركيا خلال حكم مصطفى كمال أتاتورك(1926م).
وقد عقدت هذه الندوة أخيراً، بعد أن تأجلت أكثر من مرة، في حلب خلال 21-22 نيسان الماضي تحت عنوان:"جلال الدين الرومي رائد الفكر الإنساني والتصوف"، وذلك بتنظيم مشترك من وزارة الثقافة ومحافظة حلب. وقد شارك في هذه الندوة باحثون من سورية والأردن وتركيا والإمارات ومصر وتونس والجزائر والمغرب بأوراق متنوعة عكست اهتماماتهم المختلفة الأدبية والفلسفية والتاريخية بالرومي مما جعل حصيلة الندوة كتاباً مرجعياً سيصدر قريباً في اللغة العربية، التي تفتقد إلى المؤلفات عنه في الوقت التي تظهر في الغرب المزيد من الترجمات عن أعماله الشعرية التي تدخل بحق في التراث الإنساني.
وتجدر الإشارة إلى أن الرومي من أغزر وأعمق الشعراء على مستوى العالم، فقد كتب حوالي خمسين ألف بيت من الشعر، وهي من الأشعار التي تعبر عن تجربة إنسانية عميقة ولذلك يقبل على قراءتها في الغرب الأوربيون والأميركيون.
وقد كانت الجلسة الأولى صورة مصغرة عن الندوة حيث عبرت أوراقها عما يمكن تسميته بالبعد الإنساني عند الرومي أو مفهومه الإنساني للدين الذي يلتقي فيه الجميع، ففي هذه الجلسة كان يشارك مثلاً الأب جوزيف شابو من مطرانية السريان الأرثوذكس ومفتي حلب د. محمود عكام. فالأب شابو أبرز في ورقته مفهوم الرومي لوحدة الأديان أو الدين الإنساني الذي يجمع الجميع على عبادة الحق بوسائل مختلفة(مسلم أنا ولكني نصراني وبرهمي وزرادشتي، توكلت عليك أيها الحق الأعلى فلا تنأ عني).
وركزت على هذا الأمر أيضاً الباحثة التونسية المعروفة زهيه جويرو في ورقتها "مفهوم الدين عند جلال الدين الرومي"، التي بينت فيها أيضاً أن الدين عند الرومي يتسع ليشمل كل من يؤمن بالحق وبالوصول إلى الحق.
تميزت هذه الجلسة بمشاركة د.عيسى العاكوب الذي يعود إليه الفضل في السنوات الأخيرة في تعريف القراء العرب بمؤلفات الرومي، فالعاكوب أستاذ للنقد الأدبي في جامعة حلب وترجم عن الإنجليزية التي يتقنها عدة كتب إلى أن تعرف على الرومي، وحينئذ اهتم باللغة الفارسية وأتقنها فقط لكي يقرأ الرومي فيها ويترجم منها أعماله إلى اللغة العربية. وقد ترجم العاكوب حتى انعقاد الندوة كتاب "المجالس السبعة"، وهي المحاضرات التي كان يلقيها الرومي على طلابه ومريديه وكتاب "فيه ما فيه" وهو مجموعة من المواعظ والمحاورات، كما أشار في ورقته "رسائل مولانا جلال الدين الرومي"، إلى أنه أنجز أيضاً ترجمة كتاب:"الرسائل" الذي سيصدر قريباً، وبذلك تكتمل ترجمة المؤلفات النثرية للرومي التي لم تر النور في العربية إلا مؤخراً.
وعلى عكس العربية نجد أن أشعار جلال الدين الرومي قد وجدت طريقها في وقت مبكر الى اللغات الاوربية، حيث حظيت هناك بقبول حسن وماتزال تحظى بذلك وأكثر. ففي1849 ظهرت ترجمة ألمانية لمختارات من الجزء الاول لـ"مثنوي" الرومي مع شروح للمعاني الصوفية أعدها جورج روزن. أما في اللغة الانجليزية فقد قام السير جيمس رد هاوس بترجمة الجزء الاول لـ"مثنوي" ونشره في لندن عام 1881. وفي عام 1887 قام هوينفلد بنشر مختارات من الاجزاء الست لـ"مثنوي" جاءت في 3500 بيت . ولكن أفضل من عرف الرومي كان المستشرق المعروف نيكلسون، المتخصص في التصوف الاسلامي، اذ نشر في 1931 مختارات من"مثنوي". وقد تابعه في ذلك تلميذه المستشرق المعروف آرثر جون آربري الذي نشر في لندن أيضا مختارات من "مثنوي" صدرت خلال 1961 و 1963.
وفي اللغة الفرنسية حظي الرومي باهتمام كبير في السنوات الاخيرة. فقد نشرت في 1988 مختارات من "مثنوي" أعدها أحمد قدسي وبيير مانيير ، ثم قامت المستشرقة الفرنسية المتخصصة في التصوف ايفا ميروفيتش بالتعاون مع جمشيد مورتازاتي بترجمة كاملة لـ"مثنوي" من الفارسية، وهي التي صدرت في باريس عام1990. وتجدر الاشارة هنا الى أن ميروفيتش كانت قد أصدرت كتابا عن "جلال الدين الرومي والتصوف" ، وهو ما ترجمه د.العاكوب أيضا الى العربية وصدر في طهران عام 2000.
وفي هذا السياق تناول د.محمد جمال طحان في ورقته "جلال الدين الرومي من المحلية الى العالمية" حيث لفت الانتباه الى الاقبال الكبير على دراسة أعماله في الجامعات الاميركية، والى أن الصفحات الثقافية في الصحف الصادرة في المدن الاميركية الكبرى تنشر باستمرار مواعيد وأماكن قراءة أشعاره والمحاضرات عنه وأعماله. وانتهى د. طحان الى أن أكبر مقياس على الاهتمام المتزايد بالرومي هو قيام مجموعة من نجوم السينما والمطربين بتسجيل أشعاره وخاصة من ديوانه " مثنوي ".
واذا كان الامر كذلك في اللغات الغربية فكيف هو الامر في اللغة العربية؟
يلاحظ هنا أن الاهتمام بأشعار الرومي كان متقطعا ومركزا على
"مثنوي" فقط. ففي1941 نشر الاديب العراقي عبدالعزيز الجوهري مختارات من " مثنوي "، وقام في ذلك الوقت عبدالوهاب عزام ( أول أمين عام لجامعة الدول العربية) بنشر مختارات أخرى في القاهرة 1946. وتجدر الاشارة هنا الى أن القاهرة، بحكم التركة العثمانية، كانت مركزا لاول قسم أكاديمي للغات والاداب الشرقية( التركية والفارسية بالتحديد) في جامعة فواد/ القاهرة . وضمن هذا الاهتمام فقد قام د. عبدالسلام كفافي بترجمة مختارات من " مثنوي " الرومي في جزأين نشرا في بيروت 1966، ثم قام تلميذه د. ابراهيم الدسوقي شتا بترجمة كاملة لـ " مثنوي " من الفارسية نشرت في القاهرة خلال 1996-1997.
ومن المأمول الان بعد هذه الندوة وبعد صدور أوراقها المتنوعة في كتاب مرجعي أن يزداد الاهتمام بجلال الدين الرومي وأن تصدر بقية أعماله الشعرية في العربية. *أستاذ التاريخ الحديث في جامعة آل البيت
كانت اليونسكو قد أعلنت سنة2007م سنة دولية للاحتفال بالشاعر والفيلسوف الإنساني مولانا جلال الدين الرومي(604-672هـ/1207-1273) بمناسبة مرور ثمانمائة سنة على ولادته في بلخ. وقد عقدت خلال العام الماضي عدة ندوات واحتفالات في العالم كان منها أمسية لفرقة من المولوية التركية في دار الأوبرا في دمشق خلال تشرين الثاني 2007م.
وبشكل مواز ومختلف كانت حلب تعد ندوة دولية عن مولانا جلال الدين الرومي. أما لماذا حلب بالذات فلأن الرومي عاش فيها فترة من حياته وكتب عنها قصيدة، كما أن حلب تحولت إلى مركز للطريقة المولوية التي تنسب إلى مولانا جلال الدين بعد إلغاء الطرق الصوفية وإقفال تكاياها في تركيا خلال حكم مصطفى كمال أتاتورك(1926م).
وقد عقدت هذه الندوة أخيراً، بعد أن تأجلت أكثر من مرة، في حلب خلال 21-22 نيسان الماضي تحت عنوان:"جلال الدين الرومي رائد الفكر الإنساني والتصوف"، وذلك بتنظيم مشترك من وزارة الثقافة ومحافظة حلب. وقد شارك في هذه الندوة باحثون من سورية والأردن وتركيا والإمارات ومصر وتونس والجزائر والمغرب بأوراق متنوعة عكست اهتماماتهم المختلفة الأدبية والفلسفية والتاريخية بالرومي مما جعل حصيلة الندوة كتاباً مرجعياً سيصدر قريباً في اللغة العربية، التي تفتقد إلى المؤلفات عنه في الوقت التي تظهر في الغرب المزيد من الترجمات عن أعماله الشعرية التي تدخل بحق في التراث الإنساني.
وتجدر الإشارة إلى أن الرومي من أغزر وأعمق الشعراء على مستوى العالم، فقد كتب حوالي خمسين ألف بيت من الشعر، وهي من الأشعار التي تعبر عن تجربة إنسانية عميقة ولذلك يقبل على قراءتها في الغرب الأوربيون والأميركيون.
وقد كانت الجلسة الأولى صورة مصغرة عن الندوة حيث عبرت أوراقها عما يمكن تسميته بالبعد الإنساني عند الرومي أو مفهومه الإنساني للدين الذي يلتقي فيه الجميع، ففي هذه الجلسة كان يشارك مثلاً الأب جوزيف شابو من مطرانية السريان الأرثوذكس ومفتي حلب د. محمود عكام. فالأب شابو أبرز في ورقته مفهوم الرومي لوحدة الأديان أو الدين الإنساني الذي يجمع الجميع على عبادة الحق بوسائل مختلفة(مسلم أنا ولكني نصراني وبرهمي وزرادشتي، توكلت عليك أيها الحق الأعلى فلا تنأ عني).
وركزت على هذا الأمر أيضاً الباحثة التونسية المعروفة زهيه جويرو في ورقتها "مفهوم الدين عند جلال الدين الرومي"، التي بينت فيها أيضاً أن الدين عند الرومي يتسع ليشمل كل من يؤمن بالحق وبالوصول إلى الحق.
تميزت هذه الجلسة بمشاركة د.عيسى العاكوب الذي يعود إليه الفضل في السنوات الأخيرة في تعريف القراء العرب بمؤلفات الرومي، فالعاكوب أستاذ للنقد الأدبي في جامعة حلب وترجم عن الإنجليزية التي يتقنها عدة كتب إلى أن تعرف على الرومي، وحينئذ اهتم باللغة الفارسية وأتقنها فقط لكي يقرأ الرومي فيها ويترجم منها أعماله إلى اللغة العربية. وقد ترجم العاكوب حتى انعقاد الندوة كتاب "المجالس السبعة"، وهي المحاضرات التي كان يلقيها الرومي على طلابه ومريديه وكتاب "فيه ما فيه" وهو مجموعة من المواعظ والمحاورات، كما أشار في ورقته "رسائل مولانا جلال الدين الرومي"، إلى أنه أنجز أيضاً ترجمة كتاب:"الرسائل" الذي سيصدر قريباً، وبذلك تكتمل ترجمة المؤلفات النثرية للرومي التي لم تر النور في العربية إلا مؤخراً.
وعلى عكس العربية نجد أن أشعار جلال الدين الرومي قد وجدت طريقها في وقت مبكر الى اللغات الاوربية، حيث حظيت هناك بقبول حسن وماتزال تحظى بذلك وأكثر. ففي1849 ظهرت ترجمة ألمانية لمختارات من الجزء الاول لـ"مثنوي" الرومي مع شروح للمعاني الصوفية أعدها جورج روزن. أما في اللغة الانجليزية فقد قام السير جيمس رد هاوس بترجمة الجزء الاول لـ"مثنوي" ونشره في لندن عام 1881. وفي عام 1887 قام هوينفلد بنشر مختارات من الاجزاء الست لـ"مثنوي" جاءت في 3500 بيت . ولكن أفضل من عرف الرومي كان المستشرق المعروف نيكلسون، المتخصص في التصوف الاسلامي، اذ نشر في 1931 مختارات من"مثنوي". وقد تابعه في ذلك تلميذه المستشرق المعروف آرثر جون آربري الذي نشر في لندن أيضا مختارات من "مثنوي" صدرت خلال 1961 و 1963.
وفي اللغة الفرنسية حظي الرومي باهتمام كبير في السنوات الاخيرة. فقد نشرت في 1988 مختارات من "مثنوي" أعدها أحمد قدسي وبيير مانيير ، ثم قامت المستشرقة الفرنسية المتخصصة في التصوف ايفا ميروفيتش بالتعاون مع جمشيد مورتازاتي بترجمة كاملة لـ"مثنوي" من الفارسية، وهي التي صدرت في باريس عام1990. وتجدر الاشارة هنا الى أن ميروفيتش كانت قد أصدرت كتابا عن "جلال الدين الرومي والتصوف" ، وهو ما ترجمه د.العاكوب أيضا الى العربية وصدر في طهران عام 2000.
وفي هذا السياق تناول د.محمد جمال طحان في ورقته "جلال الدين الرومي من المحلية الى العالمية" حيث لفت الانتباه الى الاقبال الكبير على دراسة أعماله في الجامعات الاميركية، والى أن الصفحات الثقافية في الصحف الصادرة في المدن الاميركية الكبرى تنشر باستمرار مواعيد وأماكن قراءة أشعاره والمحاضرات عنه وأعماله. وانتهى د. طحان الى أن أكبر مقياس على الاهتمام المتزايد بالرومي هو قيام مجموعة من نجوم السينما والمطربين بتسجيل أشعاره وخاصة من ديوانه " مثنوي ".
واذا كان الامر كذلك في اللغات الغربية فكيف هو الامر في اللغة العربية؟
يلاحظ هنا أن الاهتمام بأشعار الرومي كان متقطعا ومركزا على
"مثنوي" فقط. ففي1941 نشر الاديب العراقي عبدالعزيز الجوهري مختارات من " مثنوي "، وقام في ذلك الوقت عبدالوهاب عزام ( أول أمين عام لجامعة الدول العربية) بنشر مختارات أخرى في القاهرة 1946. وتجدر الاشارة هنا الى أن القاهرة، بحكم التركة العثمانية، كانت مركزا لاول قسم أكاديمي للغات والاداب الشرقية( التركية والفارسية بالتحديد) في جامعة فواد/ القاهرة . وضمن هذا الاهتمام فقد قام د. عبدالسلام كفافي بترجمة مختارات من " مثنوي " الرومي في جزأين نشرا في بيروت 1966، ثم قام تلميذه د. ابراهيم الدسوقي شتا بترجمة كاملة لـ " مثنوي " من الفارسية نشرت في القاهرة خلال 1996-1997.
ومن المأمول الان بعد هذه الندوة وبعد صدور أوراقها المتنوعة في كتاب مرجعي أن يزداد الاهتمام بجلال الدين الرومي وأن تصدر بقية أعماله الشعرية في العربية. *أستاذ التاريخ الحديث في جامعة آل البيت
14/4/2012, 5:14 am من طرف h.sbaih
» تعلم تصميم قواعد البيانات SQL حصريا
2/4/2012, 3:57 pm من طرف hfoda102
» Assembly Lab
3/3/2012, 10:52 pm من طرف funkyodd@yahoo.com
» كتاب مادة الـ C ++ حصريا لشباب إنجاز
17/2/2012, 1:57 am من طرف anas yacoub
» حصريا .. كتب العلوم المالية والمصرفية
31/1/2012, 1:56 am من طرف Amera Alareqe
» دعاء مكتوب على جدار الجنة
13/11/2011, 3:25 pm من طرف سما الحب
» حكمه مهمه
6/11/2011, 7:49 pm من طرف عموره
» .....................................
16/10/2011, 6:22 am من طرف عموره
» هـــــــــنــالِــك دائِــمـــــــــاً....!!!!
16/10/2011, 6:20 am من طرف عموره
» تَباً
16/10/2011, 6:15 am من طرف عموره